العلمية، وعليه فـ ﴿شُرَكَاء﴾ مفعول ثالث لـ ﴿أَرُونِىَ﴾، قال القرطبي: يكون ﴿أَرُونِىَ﴾ هنا من رؤية القلب، فيكون: ﴿شُرَكَاء﴾ مفعولاً ثالثًا، أي: عرّفوني الأصنام والأوثان التي جعلتموها شركاء للَّه عزّ وجلَّ، وهل شاركت في خلق شىء، فبيّنوا ما هو وإلا فلم تعبدونها، اهـ محل الغرض منه. واختار هذا أبو حيّان في "البحر المحيط". وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿كَلاَّ﴾ ردع لهم، وزجر عن إلحاق الشركاء به. وقوله: ﴿بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، أي: المتّصف بذلك هو المستحق للعبادة، وقد قدّمنا معنى ﴿الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ بشواهده مرارًا.
قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً﴾.
قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة "الأعراف"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً﴾، وفي غير ذلك من المواضع. وقوله تعالى: ﴿إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾، استشهد به بعض علماء العربية على جواز تقدم الحال على صاحبها المجرور بالحرف؛ كما أشار له ابن مالك في "الخلاصة"، بقوله:

وسبق حال ما بحرف جر قد أبوا ولا أمنعه فقد ورد
قالوا: لأن المعنى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً﴾، أي: جميعًا، أي: أرسلناك للناس في حال كونهم مجتمعين في رسالتك، وممّن أجاز ذلك أبو علي الفارسي، وابن كيسان، وابن برهان، ولذلك شواهد في شعر العرب؛ كقول طليحة بن خويلد الأسدي:
فإن تك أذواد أصبن ونسوة فلن يذهبوا فرغًا بقتل حبال
وكقول كثير:
لئن كان برد الماء هيمان صاديًا إلى حبيبًا إنها لحبيب
وقول الآخر:
تسليت طرًّا عنكم بعد بينكم بذكركم حتى كأنكم عندي
وقول الآخر:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
غافلاً تعرض المنية للمر ء فيدّعي ولات حين إباء