قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾، إلى قوله: ﴿هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾، وأشار إلى ذلك في قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ﴾.
وقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ﴾.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿فَاهْدُوهُمْ﴾، من الهدى العام، أي: دلّوهم وأرشدوهم ﴿إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ﴾، أي: طريق النار ليسلكوها إليها، والضمير في قوله تعالى: ﴿فَاهْدُوهُمْ﴾، راجع إلى الثلاثة، أعني: ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾.
وقد دلَّت هذه الآية أن الهدى يستعمل في الإرشاد والدلالة على الشرّ، ونظير ذلك في القرءان قوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾، ولذلك كان للشرّ أئمّة يؤتمّ بهم فيه؛ كقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾.
قوله تعالى: ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ﴾.
قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة "الأعراف"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ﴾، وبيَّنا هناك وجه الجمع بين الآيات في نحو قوله تعالى: ﴿وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾، وقوله تعالى: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ﴾، مع قوله تعالى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. وقوله تعالى: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ﴾. وقوله هنا :﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾. ، قد قدّمنا الآيات الموضحة له مع التعرّض لإزالة إشكالين في بعض الآيات المتعلّقة بذلك، في سورة "قد أَفلح المؤمنون"، في الكلام على قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ


الصفحة التالية
Icon