يُهْرَعُونَ}، أي: يتبعونهم في ذلك الضلال والكفر مسرعين فيه، جاء موضحًا في غير هذا الموضع؛ كقوله تعالى عنهم: ﴿قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾، وقوله عنهم: ﴿قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾، وقوله عنهم: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾، وقوله عنهم: ﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾. وردّ اللَّه عليهم في الآيات القرءانية معروف؛ كقوله تعالى: ﴿أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ﴾، وقوله: ﴿أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ﴾، وقوله تعالى: ﴿قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ﴾.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ، أي: فهم على اتّباعهم والاقتداء بهم في الكفر ﴿فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ﴾ والضلال؛ كما قال تعالى عنهم: ﴿وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿يُهْرَعُونَ﴾، قد قدّمنا في سورة "هود"، أن معنى: ﴿يُهْرَعُونَ﴾ : يسرعون ويهرولون، وأن منه قول مهلهل:

فجاءوا يهرعون وهم أسارى تقودهم على رغم الأنوف
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ﴾.
قد قدّمنا الآيات التي بمعناه في سورة "يس"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾، وفي سورة "الأنعام"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ﴾.
تقدّم إيضاحه بالآيات القرءانية، وتفسيره في سورة "الأنبياء"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾.
قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ﴾.


الصفحة التالية
Icon