الأقوال.
وقد ذكرنا أنا قدمنا الكلام على ذلك مستوفًى في أول سورة هود.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾، قد قدمنا أن أصل القرآن مصدر، زيد فيه الألف والنون. كما زيدتا في الطغيان، والرجحان، والكفران، والخسران، وأن هذا المصدر أريد به الوصف.
وأكثر أهل العلم، يقولون: إن هذا الوصف المعبر عنه بالمصدر هو اسم المفعول.
وعليه فالقرآن بمعنى المقروء من قول العرب: قرأت الشيء إذا أظهرته وأبرزته، ومنه قرأت الناقة السلا والجنين إذا أظهرته وأبرزته من بطنها، ومنه قول عمرو بن كلثوم في معلقته:
تريك إذا دخلت على خلاء | وقد أمنت عيون الكاشحينا |
ذراعي عيطل أدماء بكر | هجان اللون لم تقرأ جنينا |
ومعنى القرآن على هذا المقروء الذي يظهره القارئ، ويبرزه من فيه، بعباراته الواضحة.
وقال بعض أهل العلم: "إن الوصف المعبر عنه بالمصدر، هو: اسم الفاعل".
وعليه فالقرآن بمعنى القارئ، وهو اسم فاعل قرأت، بمعنى جمعت.
ومنه قول العرب: قرأت الماء في الحوض أي جمعته فيه.
وعلى هذا فالقرآن بمعنى القارىء أي الجامع لأن الله جمع فيه جميع ما في الكتب المنزلة.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿ذِي الذِّكْر﴾ فيه وجهان من التفسير معروفان عند العلماء.
أحدهما: أن الذكر بمعنى الشرف، والعرب تقول فلان مذكور يعنون له ذكر أي: شرف.