ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ أي شرف لكم على أحد القولين.
الوجه الثاني: أن الذكر اسم مصدر بمعنى التذكير، لأن القرآن العظيم فيه التذكير والمواعظ، وهذا قول الجمهور واختاره ابن جرير.
تنبيه
اعلم أن العلماء اختلفوا في تعيين الشيء الذي أقسم الله عليه في قوله تعالى: ﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾، فقال بعضهم: إن المقسم عليه مذكور، والذين قالوا إنه مذكور، اختلفوا في تعيينه وأقوالهم في ذلك كلها ظاهرة السقوط.
فمنهم من قال: إن المقسم عليه هو قوله تعالى: ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾.
ومنهم من قال: هو قوله: ﴿إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ﴾.
ومنهم من قال: هو قوله تعالى: ﴿إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ﴾ كقوله ﴿َتاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾. وقوله: ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ * إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾.
ومنهم من قال هو قوله: ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ﴾، ومن قال هذا قال: إن الأصل لكم أهلكنا ولما طال الكلام، حذفت لام القسم، فقال: كم أهلكنا بدون لام.
قالوا: ونظير ذلك قوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ لما طال الكلام بين القسم والمقسم عليه، الذي هو قد أفلح من زكاها، حذفت منه لام القسم.
ومنهم من قال: إن المقسم عليه هو قوله: ﴿ص﴾ قالوا معنى ﴿ص﴾ : صدق رسول الله والقرآن ذي الذكر. وعلى هذا فالمقسم عليه هو صدقه صلى الله عليه وسلم.
ومنهم من قال: المعنى: هذه ﴿ص﴾ أي: السورة التي أعجزت العرب، ﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾، إلى غير ذلك من الأقوال التي لا يخفى سقوطها.
وقال بعض العلماء: إن المقسم عليه محذوف، واختلفوا في تقديره، فقال الزمخشري