عيسى، ولكنه بين ذلك في المائدة، في قوله تعالى: ﴿]إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ [المائدة: ١١٠]، وفي آل عمران، في قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ إلى قوله: ﴿وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [آل عمران: ٤٥-٤٦]، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا﴾.
التحقيق أن الضمير في قوله: ﴿وَإِنَّهُ﴾ راجع إلى عيسى لا إلى القرآن، ولا إلى النبي ﷺ.
ومعنى قوله: ﴿لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ على القول الحق الصحيح الذي يشهد له القرآن العظيم، والسنة المتواترة، هو أن نزول عيسى في آخر الزمان، حيا علم للساعة أي علامة لقرب مجيئها لأنه من أشراطها الدالة على قربها.
وإطلاق علم الساعة على نفس عيسى، جار على أمرين، كلاهما أسلوب عربي معروف.
أحدهما: أن نزول عيسى المذكور، لما كان علامة لقربها، كانت تلك العلامة، سببا لعلم قربها، فأطلق في الآية المسبب وأريد السبب.
وإطلاق المسبب وإرادة السبب، أسلوب عربي معروف في القرآن، وفي كلام العرب.
ومن أمثلته في القرآن قوله تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقاً﴾ [غافر: ١٣].
فالرزق مسبب عن المطر والمطر سببه، فأطلق المسبب الذي هو الرزق وأريد سببه الذي هو المطر للملابسة القوية التي بين السبب والمسبب.
ومعلوم أن البلاغيين، ومن وافقهم، يزعمون أن مثل ذلك، من نوع ما يسمونه المجاز المرسل، وأن الملابسة بين السبب والمسبب من علاقات المجاز المرسل عندهم.