وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} [يونس: ٤].
ولما ظن الكفار أن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا، لا لحكمة تكليف وحساب وجزاء، هددهم بالويل من النار، بسبب ذلك الظن السيىء، في قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾ [صّ: ٢٧].
وقد نزه تعالى نفسه عن كونه خلق الخلق عبثا، لا لتكليف وحساب وجزاء، وأنكر ذلك على من ظنه، في قوله تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ، فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ [المؤمنون: ١١٥-١١٦].
فقوله: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ﴾ أي تنزه وتعاظم، وتقدس، عن أن يكون خلقهم لا لحكمة تكليف وبعث، وحساب وجزاء.
وهذا الذي نزه تعالى عنه نفسه، نزهه عنه أولو الألباب، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ﴾ إلى قوله: ﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران: ١٩٠-١٩١]، فقوله عنهم: ﴿سُبْحَانَكَ﴾ أي تنزيها لك، عن أن تكون خلقت هذا الخلق، باطلا لا لحكمة تكليف، وبعث وحساب وجزاء.
وقوله جل وعلا في آية الأحقاف هذه: ﴿مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ﴾، يفهم منه أنه لم يخلق ذلك باطلا، ولا لعبا ولا عبثا.
وهذا المفهوم جاء موضحا في آيات من كتاب الله كقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً﴾، وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً﴾، وقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ، مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الدخان: ٣٨-٣٩].
وقوله تعالى في آية الأحقاف هذه: ﴿وَأَجَلٍ مُسَمّىً﴾ معطوف على قوله: ﴿بِالْحَقِّ﴾ أي ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا خلقا متلبسا بالحق، وبتقدير