ودلالة هذه الآيات على أن ستة أشهر أمد للحمل هي المعروفة عند علماء الأصول بدلالة الإشارة.
وقد أوضحنا الكلام عليها، في مباحث الحج، في سورة الحج، في مبحث أقوال أهل العلم، في حكم المبيت بمزدلفة، وأشرنا لهذا النوع، من البيان في ترجمة هذا الكتاب المبارك.
قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾.
قد قدمنا الكلام عليه في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى: ﴿حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾، وفي ترجمة هذا الكتاب المبارك.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ أولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ﴾.
التحقيق إن شاء الله أن، ﴿الَّذِي﴾ في قوله: ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ﴾ بمعنى الذين، وأن الآية عامة في كل عاق لوالديه مكذب بالبعث.
والدليل من القرآن على أن الذي، بمعنى الذين، وأن المراد به العموم، أن ﴿الَّذِي﴾ في قوله: ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ﴾ مبتدأ خبره قوله تعالى: ﴿أولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ﴾.
والإخبار عن لفظة ﴿الَّذِي﴾ في قوله: ﴿أولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ﴾ القول بصيغة الجمع، صريح في أن المراد بالذي، العموم لا الإفراد، وخير ما يفسر به القرآن القرآن. وبهذا الدليل القرآني تعلم أن قول من قال في هذه الآية الكريمة أنها نازلة في عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، ليس بصحيح، كما جزمت عائشة رضي الله عنها ببطلانه.
وفي نفس آية الأحقاف هذه دليل آخر واضح على بطلانه، وهو أن الله صرح بأن الذين قالوا تلك المقالة حق عليهم القول، وهو قوله: ﴿وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [السجدة: ١٣].


الصفحة التالية
Icon