﴿فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ﴾ [الغاشية: ١٢]، وقد بين تعالى من صفات خمر الجنة أنها لا تسكر شاربها، ولا تسبب له الصداع الذي هو وجع الرأس في آيات من كتابه كقوله تعالى: ﴿لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ﴾ [الواقعة: ١٩]، وقوله: ﴿لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ﴾ [الصافات: ٤٧].
وقد قدمنا معنى هذه الآيات بإيضاح في سورة المائدة في الكلام على قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾ [المائدة: ٩٠].
وقوله تعالى في الآية الكريمة: ﴿غَيْرِ آسِنٍ﴾ أي غير متغير اللون ولا الطعم، والآسن والآجن معناهما واحد، ومنه قول ذي الرمة:
ومنهل آجن قفر محاضره... تذروا الرياح على جماته البعرا
وقول الراجز:
ومنهل فيه الغراب ميت... كأنه من الأجون زيت
سقيت منها القوم واستقيت
وبما ذكرنا تعلم أن قوله: ﴿غَيْرِ آسِنٍ﴾ كقوله: ﴿مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ﴾.
قوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾.
قد بين تعالى في سورة البقرة أن الثمار التي يرزقها أهل الجنة يشبه بعضها بعضا في الجودة والحسن والكمال، ليس فيها شيء رديء، وذلك في قوله تعالى: ﴿كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً﴾ [البقرة: ٢٥].
قوله تعالى: ﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الحج، في الكلام على قوله تعالى: ﴿يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ﴾ [الحج: ١٩-٢٠].
قوله تعالى: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً﴾ [محمد: ١٨].


الصفحة التالية
Icon