فما بالك بما أضيف من الصفات إلى الله وما أضيف منها إلى خلقه، فإنه يتباين كتباين الخالق والمخلوق، كما لا يخفي.
فاتضح بما ذكر أن الشرط في قول المقري في إضاءته:
والنص إن أوهم غير اللائق
شرط مفقود قطعا، لأن نصوص الوحي الواردة في صفات الله، لا تدل ظواهرها البتة، إلا على تنزيه الله، ومخالفته لخلقه في الذات والصفات والأفعال.
فكل المسلمين، الذين يراجعون عقولهم، لا يشك أحد منهم في أن الظاهر المتبادر السابق إلى ذهن المسلم، هو مخالفة الله لخلقه، كما نص عليه بقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، وقوله: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾ [الاخلاص: ٤] ونحو ذلك من الآيات، وبذلك تعلم أن الإجماع الذي بناه على ذلك في قوله:
فاصرفه عن ظاهره إجماعا
إجماع مفقود أصلا، ولا وجود له البتة، لأنه مبني على شرط مفقود لا وجود له البتة.
فالإجماع المعدوم المزعوم لم يرد في كتاب الله، ولا في سنة رسوله، ولم يقله أحد من أصحاب رسول الله، ولا من تابعيهم ولم يقله أحد من الأئمة الأربعة، ولا من فقهاء الأمصار المعروفين.
وإنما لم يقولوا بذلك لأنهم يعلمون أن ظواهر نصوص الوحي لا تدل إلا على تنزيه الله عن مشابهة خلقه، وهذا الظاهر الذي هو تنزيه الله لا داعي لصرفها عنه كما ترى.
ولأجل هذا كله قلنا في مقدمة هذا الكتاب المبارك، إن الله تبارك وتعالى موصوف
ـــــــ
(١) الصواب أن العرب أنزل القرءان بلسانهم يفهمون المعاني، وأن للكلمة أكثر من معنى، وإنما توجيه المعنى يكون على حسب مايقتضي النص. وكانوا يفهمون معنى التنزيه والتسبيح والتعظيم في حق الله، فلم يكن لهم حاجة من السؤال لفهمهم القرءان على مايحمل من كلامهم من غير تشبية أو تعطيل. وفي كلامهم وأشعارهم من التوسيع في ذلك كثير.


الصفحة التالية
Icon