وهذه اللام التي زادوها أشبه شيء بالنون التي زادها اليهود في قوله تعالى: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [البقرة: ٥٨]، ويقول الله جل وعلا في منع تبديل القرآن بغيره: ﴿قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [يونس: ١٥].
ولا شك أن من بدل ﴿اسْتَوَى﴾ باستولى مثلا لم يتبع ما أوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فعليه أن يجتنب التبديل ويخاف العذاب العظيم، الذي خافه رسول الله ﷺ لو عصا الله فبدل قرآنا بغيره المذكور في قوله: ﴿إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [يونس: ١٥].
واليهود لم ينكروا أن اللفظ الذي قاله الله لهم: هو لفظ ﴿حِطَّةٌ﴾ ولكنهم حرفوه بالزيادة المذكورة.
وأهل هذه المقالة، لم ينكروا أن كلمة القرآن هي ﴿اسْتَوَى﴾، ولكن حرفوها وقالوا في معناها استولى وإنما أبدلوها بها، لأنها أصلح في زعمهم من لفظ كلمة القرآن، لأن كلمة القرآن توهم غير اللائق، وكلمة استولى في زعمهم هي المنزهة اللائقة بالله مع أنه لا يعقل تشبيه أشنع من تشبيه استيلاء الله على عرشه المزعوم، باستيلاء بشر على العراق.
وهل كان أحد يغالب الله على عرشه حتى غلبه على العرش، واستولى عليه؟
وهل يوجد شيء إلا والله مستول عليه، فالله مستول على كل شيء.
وهل يجوز أن يقال إنه تعالى استوى على كل شيء غير العرش؟
فافهم.
ـــــــ
(١) لم نر أحداً من أهل التأويل ذكر ذلك، ولم نقف على هذا في كتاب من الكتب والذين ذكروا: استولى ذكروها تأويلاً لمعنى: استوى. ولم يثبتوها قرءة ولا رسما في المصاحف. فاقتضى التنبيه أهـ.
(٢) حجة من فسر الاستواء بالاستيلاء يعتبرونه تفسيراً لائقاً بجلال الله وعظمته، وليس بالضرورة أن يكون الاستيلاء للنغالبة والتعاقب. خذ مثلاً قوله تعالى: ﴿وَكَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً﴾ وقوله: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيراً﴾. ونظير تلك الآيات كثيرة فهل تحمل هذه الآيات على التعاقب والتغير والتبدل.


الصفحة التالية
Icon