نذهب، وما توفيقنا إلا بالله، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وبه نستعين، وعليه نتوكل وإليه المصير، هذا لفظ أبي الحسن الأشعري رحمه الله في كتاب المقالات المذكور.
وبه تعلم أنه يؤمن بكل ما جاء عن الله في كتابه وما ثبت عن رسوله ﷺ لا يرد من ذلك شيئا ولا ينفيه بل يؤمن به ويثبته لله، بلا كيف ولا تشبيه، كما هو مذهب أهل السنة. وقال أبو الحسن الأشعري أيضا في كتاب المقالات المذكور ما نصه:
وقال أهل السنة وأصحاب الحديث: ليس بجسم ولا يشبه الأشياء وأنه على العرش كما قال عز وجل: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ ولا نقدم بين يدي الله في القول بل نقول: استوى بلا كيف، ثم أطال الكلام رحمه الله، في إثبات الصفات كما قدمنا عنه، ثم قال ما نصه وقالت المعتزلة: إن الله استوى على عرشه بمعنى استولى، ا هـ محل الغرض منه بلفظه.
فتراه صرح في كتاب المقالات المذكور، بأن تأويل الاستواء بالاستيلاء، هو قول المعتزلة لا قوله هو، ولا قول أحد من أهل السنة.
وزاد في كتاب الإبانة مع المعتزلة الجهمية والحرورية كما قدمنا.
وبكل ما ذكرنا تعلم أن الأشعري رجع عن الاعتزال إلى مذهب السلف في آيات الصفات وأحاديثها.
وقد قدمنا إيضاح الحق في آيات الصفات بالأدلة القرآنية بكثرة في سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف: ٥٤].
واعلم أن أئمة القائلين بالتأويل، رجعوا قبل موتهم عنه، لأنه مذهب غير مامون العاقبة، لأن مبناه على ادعاء أن ظواهر آيات الصفات وأحاديثها، لا تليق بالله لظهورها وتبادرها في مشابهة صفات الخلق.
ثم نفي تلك الصفات الواردة في الآيات والأحاديث، لأجل تلك الدعوى الكاذبة المشؤومة، ثم تأويلها بأشياء أخر، دون مستند من كتاب أو سنة، أو قول صحابي أو أحد من السلف.
وكل مذهب هذه حاله، فإنه جدير بالعاقل المفكر أن يرجع عنه إلى مذهب السلف.


الصفحة التالية
Icon