أليلتنا بذي حسم أنيري | إذا أنت انقضيت فلا تحوري |
وقول لبيد بن ربيعة العامري:
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه | يحور رمادا بعد ما هو ساطع |
وقوله تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ، فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ، وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ، لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ، إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ، وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ، وَكَانُوا يَقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ [الواقعة: ٤١-٤٧]، لأن تنعمهم في الدنيا المذكور في قوله: ﴿مُتْرَفِينَ﴾، وإنكارهم للبعث المذكور في قوله ﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً﴾ الآية، دليل على عدم إشفاقهم في الدنيا، وهو علة كونهم ﴿فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ﴾.
وقد قدمنا قريبا أن إن المكسورة المشددة من حروف التعليل، فقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ﴾ الآية، علة لقوله: ﴿فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ﴾.
وقد ذكر جل وعلا أن الإشفاق من عذاب الله من أسباب دخول الجنة والنجاة من العذاب يوم القيامة، كما دل عليه منطوق آية الطور هذه، قال تعالى في المعارج: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ، إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ﴾ [المعارج: ٢٧-٢٨] إلى قوله: ﴿أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ﴾ [المعارج: ٣٥]، وذكر ذلك من صفات أهل الجنة في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ﴾ إلى قوله: ﴿أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٧-٦١]، وقد قال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ، فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ [الواقعة: ١٠-١٢].
وقوله في آية الواقعة المذكورة: ﴿وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ﴾، أي يديمون ويعزمون على الذنب الكبير، كالشرك وإنكار البعث، وقيل المراد بالحنث: حنثهم في اليمين الفاجرة كما في قوله تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ﴾ [النحل: ٣٨].