والثاني: أن يوم الجمع المذكور ﴿لا رَيْبَ فِيهِ﴾، أي لا شك في وقوعه.
وهذان الأمران اللذان تضمنتهما هذه الآية الكريمة، جاءا موضحين في آيات أخر.
أما تخويفه الناس يوم القيامة، فقد ذكر في مواضع من كتاب الله كقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْما تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٨١]، وقوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ﴾ [غافر: ١٨]، وقوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْما يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ [المزمل: ١٧-١٨]، وقوله تعالى: ﴿أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ الناسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: ٤-٦]، والآيات بمثل ذلك كثيرة.
وأما الثاني منهما: وهو كون يوم القيامة لا ريب فيه فقد جاء في مواضع أخر كقوله تعالى: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ﴾ [النساء: ٨٧]، وقوله ﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ﴾ [آل عمران: ٢٥]، وقوله تعالى: ﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها﴾ [الحج: ٧]، وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي ما السَّاعَةُ﴾ [الجاثية: ٣٢]، إلى غير ذلك من الآيات.
وإنما سمي يوم القيامة يوم الجمع، لأن الله يجمع فيه جميع الخلائق، والآيات الموضحة لهذا المعنى، كثيرة كقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الواقعة: ٤٩-٥٠]، وقوله تعالى: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ﴾ [المرسلات: ٣٨]، وقوله تعالى: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [النساء: ٨٧]، وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ [التغابن: ٩]، وقوله تعالى ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ الناسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ [هود: ١٠٣]، وقوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ [آل عمران: ٢٥]، وقوله تعالى: ﴿وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً﴾ [الكهف: ٤٧].
وقد بين تعالى شمول ذلك الجمع لجميع الدواب والطير في قوله تعالى: ﴿وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ [الأنعام: ٣٨]، والآيات الدالة على الجمع المذكورة كثيرة.
قوله تعالى: ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾.


الصفحة التالية
Icon