وقوله تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً، اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً﴾ [الإسراء: ١٣-١٤] والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿فَهُوَ يَرَى﴾ أي يعلم ذلك الغيب، والآية تدل على أن سبب النزول لا يخلو من إعطاء شيء في مقابلة تحمل الذنوب عمن أعطى لأن فاعل ذلك ليس عنده علم الغيب، فيعلم به أن الذي ضمن له تحمل ذنوبه بفعل ذلك، ولم ينبأ بما في الصحف الأولى، من أنه ﴿لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ أي لا تتحمل نفس ذنب نفس أخرى.
وقد قدمنا تفسيره موضحا في سورة بني إسرائيل، وأنه لا يملك الإنسان ولا يستحق إلا سعي نفسه، وقد اتضح بذلك أنه لا يمكن أن يتحمل إنسان ذنوب غيره، وقد دلت على ذلك آيات كثيرة معلومة.
وقال أبو حيان في البحر: ﴿ أَفَرَأَيْتَ﴾ بمعنى أخبرني، والمفعول الأول هو الموصول وصلته. والمفعول الثاني هو جملة ﴿أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى﴾.
قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى﴾ [النجم: ٤٥-٤٦].
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة ﴿أَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ﴾ أي النوعين الذكر والأنثى ﴿ِمنْ نُطْفَةٍ﴾، وهي نطفة المني ﴿إِذَا تُمْنَى﴾ أي تصب وتراق في الرحم، على أصح القولين.
ويدل قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ، أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ﴾ [الواقعة: ٥٩] وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى﴾ [القيامة: ٣٧].
والعرب تقول: أمنى الرجل ومني إذا أراق المني وصبه.
وقال بعض العلماء: ﴿مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى﴾ أي تقدر بأن يكون الله قدر أن ينشأ منها حمل، من قول العرب: منى الماني إذا قدر، ومن هذا المعنى قول أبي قلابة الهذلي، وقيل سويد بن عامر المصطلقي:



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
لا تأمن الموت في حل وفي حرم إن المنايا توافي كل إنسان
واسلك سبيلك فيها غير محتشم حتى تلاقي ما يمني لك الماني