أي صرتم أزواجا ثلاثة، والعرب تطلق كان بمعنى صار، ومنه: ﴿ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين﴾ أي فتصيرا من الظالمين.
ومنه قول الشاعر:

بتيهاء قفر والمطي كأنها قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها
وقوله: ﴿أَزْوَاجاً﴾، أي أصنافا ثلاثة، ثم بين هذه الأزواج الثلاثة بقوله: ﴿فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ، وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ، وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ، فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ أما أصحاب الميمنة فهم أصحاب اليمين، كما أوضحه تعالى بقوله: ﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ﴾، وأصحاب المشأمة هم أصحاب الشمال كما أوضحه تعالى: بقوله ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ﴾.
قال بعض العلماء: قيل لهم أصحاب اليمين لأنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم.
وقيل: لأنهم يذهب بهم ذات اليمين إلى الجنة.
وقيل: لأنهم عن يمين أبيهم آدم، كما رآهم النبي ﷺ كذلك ليلة الإسراء.
وقيل سموا أصحاب اليمين، وأصحاب الميمنة لأنهم ميامين، أي مباركون على أنفسهم، لأنهم أطاعوا ربهم فدخلوا الجنة، واليمن البركة.
وسمي الآخرون أصحاب الشمال، وقيل: لأنهم يؤتون كتبهم بشمائلهم.
وقيل لأنهم يذهب بهم ذات الشمال إلى النار، والعرب تسمي الشمال شؤما، كما تسمي اليمين يمينا، ومن هنا قيل لهم أصحاب المشأمة أو لأنهم مشائيم على أنفسهم: فعصوا الله فأدخلهم النار، والمشائيم ضد الميامين، ومنه قول الشاعر:
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ولا ناعب إلا بين غرابها
وبين جل وعلا أن السابقين هم المقربون، وذلك في قوله: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾، وهذه الأزواج الثلاثة المذكورة هي


الصفحة التالية
Icon