كَارِهُونَ} [الزخرف: ٧٨]، وقوله تعالى في قد أفلح المؤمنون: ﴿أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ [المؤمنون: ٧٠]، وقوله تعالى في القتال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ﴾ [محمد: ٩]، وقوله تعالى: ﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ، وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الجاثية: ٦-٨]، وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [لقمان: ٧]، وقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾ [فصلت: ٥]، والآيات بمثل ذلك كثيرة.
واعلم أن هؤلاء الذين يكرهون ما أنزل الله، يجب على كل مسلم أن يحذر كل الحذر من أن يطيعهم في بعض أمرهم، لأن ذلك يستلزم نتائج سيئة متناهية في السوء، كما أوضح تعالى ذلك في قوله: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُها، إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى، الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ، فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: ٢٤-٢٨]، فعلى كل مسلم أن يحذر ثم يحذر ثم يحذر كل الحذر، من أن يقول للذين كفروا، الذين يكرهون ما أنزل الله سنطيعكم في بعض الأمر، لأن ذلك يسبب له ما ذكره الله في الآيات المذكورة، ويكفيه زجرا وردعا عن ذلك قوله ربه تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ﴾ إلى قوله: ﴿فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: ٢٧-٢٨].
قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾.
الاجتباء في اللغة العربية معناه الاختيار والاصطفاء.
وقد دلت هذه الآية الكريمة على أنه تعالى يجتبى من خلقه من يشاء اجتباءه.
وقد بين في مواضع أخر بعض من شاء اجتباءه من خلقه، فبين أن منهم المؤمنين من هذه الأمة في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ﴾ إلى قوله: ﴿هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٧-٧٨]،


الصفحة التالية
Icon