وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبَادِنا﴾ [فاطر: ٣٢].
وبين في موضع آخر أن منهم آدم وهو قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى﴾ [طه: ١٢٢]، وذكر أن منهم إبراهيم في قوله: ﴿إِنَّ إبراهيم كَانَ أُمَّةً﴾ إلى قوله: ﴿شَاكِراً لَأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ﴾ [النحل: ١٢٠-١٢١]، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على اجتباء بعض الخلق بالتعيين.
وقوله تعالى: ﴿وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾ أي من سبق في علمه أنه ينيب إلى الله أي يرجع إلى ما يرضيه، من الإيمان والطاعة، ونظير هذه الآية قوله تعالى في سورة الرعد ﴿إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ﴾ [الرعد: ٢٧].
قوله تعالى: ﴿وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ﴾.
تقدمت الآيات الموضحة له في سورة البقرة في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ١٣٦].
قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ﴾.
بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه هو الذي أنزل الكتاب في حال كونه متلبسا بالحق الذي هو ضد الباطل، وقوله: ﴿الْكِتَابَ﴾ اسم جنس مراد به جميع الكتب السماوية.
وقد أوضحنا في سورة الحج أن المفرد الذي هو اسم الجنس يطلق مرادا به الجمع، وذكرنا الآيات الدالة على ذلك مع الشواهد العربية.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿وَالْمِيزَانَ﴾ يعني أن الله جل وعلا هو الذي أنزل الميزان، والمراد به العدل والإنصاف.
وقال بعض أهل العلم: الميزان في الآية: هو آلة الوزن المعروفة.
ومما يؤيد ذلك أن الميزان مفعال، والمفعال قياسي في اسم الآلة.
وعلى التفسير الأول وهو أن الميزان العدل والإنصاف، فالميزان الذي هو آلة الوزن المعروفة داخل فيه، لأن إقامة الوزن بالقسط من العدل والإنصاف.


الصفحة التالية
Icon