لطبيعة المكان وكما فعل في غزوة بدر ورصهم وسواهم بقضيب في يده أيضا لطبيعة المكان
وهكذا فلا بد من كل وقعة من مراعاة موقعها بل وظروف السلاح والمقاتلة.
وقد ذكر صاحب الجمان في تشبيهات القرآن أجزاء الجيش وتقسيماته بصفة عامة من قلب وميمنة وميسرة وأجنحة ونحو ذلك فيكون وجه الشبه هو الارتباط المعنوي والشعور بالمسؤولية والإحساس بالواجب كما فعل الحباب بن المنذر في غزوة بدر حين نظر إلى منزل المسلمين من الموقع فلم يرقه وسأل رسول الله ﷺ وأجابه فأبدى خطة جديدة فأخذ بها ﷺ وغير الموقع من مكان المعركة.
وثانيا قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [٨/٤٥-٤٦].
فذكر تعالى من عوامل النصر الثبات عند اللقاء وذكر الله والطاعة والامتثال والحفاظ عليها بعدم التنازع والصبر عند الحملة والمجالدة فتكون حملة رجل واحد وكلها داخلة تحت معنى البنيان المرصوص في قوته وحمايته وثباته وقد عاب تعالى على اليهود تشتت قلوبهم عند القتال في قوله تعالى ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى﴾ [٥٩/١٤]، وامتدح المؤمنين في قتالهم بوحدتهم ﴿كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾.
وقد جاءت السنة بهذا التشبيه للتعاون في قوله ﷺ "المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا"
فهو يبين المراد من وجه الشبه في البنيان المرصوص هنا وقد أثر عن أبي موسى رضي الله عنه قوله لأصحابه الزموا الطاعة فإنها حصن المحارب.
وعن أكثم بن صيفي أقلوا الخلاف على أمرائكم وإن المسلمين اليوم لأحوج ما يكونون إلى الالتزام بهذا التوجيه القرآني الكريم إزاء قضيتهم العامة مع عدوهم المشترك ولا سيما وقد مر العالم الإسلامي بعدة تجارب في تاريخهم الطويل وكان لهم منها أوضح العبر ولهم في هذا المنهج القرآني أكبر موجب لاسترجاع حقوقهم والحفاظ على كيانهم فضلا عن أنه العمل الذي يحبه الله من عباده وبالله تعالى التوفيق.