وهذا القول منه رحمة الله تعالى علينا وعليه يتضمن القولين الأول والثاني من الأقوال الثلاثة تفضل الله على الأميين ببعثة هذا النبي الكريم فيها وتفضل الله على النبي ببعثته فيهم مما لا يشعر بأنه لا خلاف بين هذه الأقوال الثلاثة وأنها من الاختلاف التنوعي أو هي من المتلازمات فلا مانع من إدارة الجميع لأن فضل الله تعالى قد شمل الجميع.
وقد نص الأول بقوله ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [٣/١٦٤] وهذا عين ما في سورة الجمعة سواء لأن الامتنان هو التفضل.
ونص على الثاني بقوله تعالى ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيما﴾ [٤/١١٣].
ونص على الثالث بقوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [٥/٥٤].
فقوله ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي﴾، ويساوي ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَما يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [٦٢/٣]، فهو خلاف تنوع وفضل الله شامل للجميع.
قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً﴾.
قال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في إملائه هذا مثل ضربه الله لليهود وهو أنه شبههم بحمار وشبه التوراة التي كلفوا العمل بما فيها بأسفار أي كتب جامعة للعلوم النافعة وشبه تكليفهم بالتوراة بحمل ذلك الحمار لتلك الأسفار فكما أن الحمار لا ينتفع بتلك العلوم النافعة التي في تلك الكتب المحمولة على ظهره فكذلك اليهود لم ينتفعوا بما في التوراة من العلوم النافعة لأنهم كلفوا باتباع محمد ﷺ وإظهار صفاته للناس فخانوا وحرفوا وبدلوا فلم ينفعهم ما في كتابهم من العلوم ا هـ
فأشار الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه إلى أن وجه الشبه عدم الانتفاع بما تحملوه من التوراة وهم يعلمون ما فيها من رسالة محمد ﷺ وقد أوضح الله تعالى


الصفحة التالية
Icon