الناس ولا يخشون الله ﴿فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [٩/١٣].
وإفراد الله بالخشية منزلة الأنبياء كما في قوله ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً﴾ [٣٣/٣٩].
قال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه والعرب تمدح من يكون في خلوته كمشهده مع الناس.
ومنه قول مسلم بن الوليد ومنه قول مسلم بن الوليد:

يتجنب الهفوات في خلواته عف السريرة غيبه كالمشهد
والواقع أن هذه الصفة وهي خشية الله بالغيب والإيمان بالغيب أساس عمل المسلم كله ومعاملاته لأنه بإيمانه بالغيب سيعمل كل خير طمعا في ثواب الله كما في مستهل المصحف ﴿الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [٢/١-٣].
وبمخافة الله بالغيب سيتجنب كل سوء فيسلم ويتحصل له ما قال الله تعالى عنهم ﴿مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [٥/٩] ﴿مَغْفِرَةٌ﴾ من ذنوبه ﴿وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ على أعماله رزقنا الله خشيته في السر والعلن.
وليعلم أن المراد بالغيب مما هو من جانب العبد لا سيده كما في الحديث في الإحسان "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، وهذا الإحساس هو أقوى عامل على اكتساب خشية الله سبحانه.
قوله تعالى ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [الملك: ١٣].
فيه دلالة على أن السر والجهر عند الله وفي علم الله على حد سواء لأنه عليم بذات الصدور يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وقوله تعالى ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ﴾ [١٣/١٠]
وقوله ﴿وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ [٢٠/٧].
وتقدم الشيخ عند كل من الآيتين بيان هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon