وفي حديث آخر في ذم المبادرة بها ويشهدون قبل أن يستشهدوا وقد جمع العلماء بين الحديثين بأن الأول في حالة عدم معرفة المشهود له بما عنده من شهادة أو يتوقف على شهادته حق شرعي كرضاع وطلاق ونحوه والثاني بعكس ذلك.
وقد نص ابن فرحون أن الشهادة في حق الله على قسمين قسم تستديم فيه الحرمة كالنكاح والطلاق فلا يتركها وتركها جرحة في عدالته وقسم لا تستديم فيه الحرمة كالزنى والشرب فإن تركها أفضل ما لم يدع لأدائها لحديث هزال في قصة ماعز حيث قال له ﷺ "هلا سترته بردائك".
المسألة الثالثة مواطن الشهادة الواردة في القرآن والتي يجب القيام فيها نسوقها على سبيل الإجمال.
الأول: الإشهاد في البيع في قوله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ [٢/٢٨٢].
الثاني الطلاق والرجعة لقوله تعالى ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [٦٥/٢].
الثالث كتابة الدين لقوله تعالى ﴿فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ الآية [٢/٢٨٢].
الرابع الوصية عند الموت لقوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ الآية [٥/١٠٦].
الخامس دفع مال اليتيم إليه إذا رشد لقوله تعالى ﴿فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ﴾ [٤/٦].
السادس إقامة الحدود لقوله تعالى ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [٢٤/٢].
السابع في السنة عقد النكاح لقوله ﷺ "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل"، وهذه كلها مواطن هامة تتعلق بحق الله وحق العباد من حفظ للمال والعرض والنسب وفي حق الحي والميت واليتيم والكبير فهي في شتى مصالح الأمة استوجبت الحث على القيام بها ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ﴾، والتحذير من كتمانها {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ


الصفحة التالية
Icon