برحاء شديدة وكان يحمر وجهه كأنه مذهبة وكان إذا نزل عليه ﷺ وهو في سفره على راحلته بركت به الناقة وجاء عن أنس أن النبي ﷺ كان واضعا رأسه على فخذه فأتاه الوحي قال أنس فكان فخذي تكاد تنفصل مني ومن جانب تكاليفه فقد ثقلت على السماوات والأرض والجبال وأشفقن منها كما هو معلوم ومن جانب ثوابه فقد جاء في حديث مسلم "الحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض".
وحديث البطاقة وكل ذلك يشهد بعضه لبعض ولا ينافيه.
وقد بين تعالى أن هذا الثقل قد يخففه الله على المؤمنين كما في الصلاة في قوله ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ أنهم أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ﴾ [٢/٤٥-٤٦]، وكذلك القرآن ثقيل على الكفار خفيف على المؤمنين محبب إليهم.
وقد جاء في الآثار أن بعض السلف كان يقوم الليل كله بسورة من سور القرآن تلذذا وارتياحا كما قال تعالى ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ [٥٤/١٧]، فهو ثقيل في وزنه ثقيل في تكاليفه ولكن يخففه الله وييسره لمن هداه ووفقه إليه.
قوله تعالى ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً﴾ [المزمل: ٦].
أشد وطأ وأقوم قيلا أي ما تنشأه من قيام الليل أشد مواطأة للقلب وأقوم قيلا في التلاوة والتدبر والتأمل وبالتالي بالتأثر ففيه إرشاد إلى ما يقابل هذا الثقل فيما سيلقى عليه من القول فهو بمثابة التوجيه إلى ما يتزود به لتحمل ثقل أعباء الدعوة والرسالة.
وقد سمعت من الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه قوله لا يثبت القرآن في الصدر ولا يسهل حفظه وييسر فهمه إلا القيام به من جوف الليل وقد كان رحمه الله تعالى لا يترك ورده من الليل صيفا أو شتاء وقد أفاد هذا المعنى قوله تعالى ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ﴾ [٢/٤٥]، والصلواة فكان ﷺ إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
وهكذا هنا فإن ناشئة الليل كانت عونا له ﷺ على ما سيلقى عليه من ثقل القول.
مسألة
قيل: إن قيام الليل كان فرضا عليه ﷺ قبل أن تفرض الصلوات الخمس لقوله


الصفحة التالية
Icon