وقد بين تعالى بعض معاذيرهم تلك في مثل قوله تعالى ﴿قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ﴾ [٢٨/٦٣].
وقوله ﴿فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ﴾ [٣٧/٣٢].
وقوله ﴿قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ [٢٣/١٠٦-١٠٨].
وقوله ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [٦٧/١٠-١١].
قوله تعالى ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧].
فيه النهي عن تحريك لسانه ﷺ وبيان أن الله تعالى عليه جمعه وقرآنه وهذا يدل على أنه ﷺ كان لشدة حرصه على استيعاب ما يوحى إليه يحرك لسانه عند الوحي فنهى عن ذلك.
وقد بين تعالى مدى هذا النهي ومدة هذه العجلة في قوله تعالى ﴿وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ﴾ [٢٠/١١٤] وفيه الإيماء إلى حسن الاستماع والإصغاء عند الإيحاء به كما في آداب الاستماع ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [٧/٢٠٤].
وقوله ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [٧٥/١٧] قد بين تعالى أن جمعه وقراءته عليه في قوله تعالى ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [١٥/٩].
تنبيه
إن في قوله تعالى ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [٧٥/١٧]، فيه إشارة إلى أنه نزل مفرقا وإشارة إلى أن جمعه على هذا النحو الموجود برعاية وعناية من الله تعالى وتحقيقا لقوله تعالى ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾، ويشهد لذلك أن هذا الجمع الموجود من وسائل حفظه كما تعهد تعالى بذلك والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon