[٢٢/٤٦]، فهذا كفيف البصر ولكن وقاد البصيرة أبصر الحق وآمن وجاء مع عماه يسعى طلبا للمزيد وأنتم تغلقت قلوبكم وعميت بصائركم فلم تدركوا الحقيقة ولم تبصروا نور الإيمان كما في الآية الكريمة ﴿فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ والعلم عند الله تعالى.
تنبيه
مما اتفق عليه المحدثون جواز ذكر مثل هذه الأوصاف إذا كانت للتعريف لا للتنقيص فقالوا الأعمى والأعور والأعرج وفي الحرف قالوا الخراز والخرقى ونحو ذلك وهذا ما فيه مصلحة لترجمة الرجال في السند.
ومثله ليس تنابزا بالألقاب في هذا الفن والله تعالى أعلم.
ومثله إذا كان للتعريف في غرض سليم دون تنقص كما قدمنا.
وقوله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ فإن فيه مثل ما في قوله تعالى ﴿أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ لأن العبوسة أمر لا يتفق في الظاهر مع قوله تعالى في حقه ﷺ ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [٦٨/٤]، وقوله ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [١٥/٨٨]، ولم أقف على جواب لذلك ولم يتعرض له الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في دفع إيهام الاضطراب.
والذي يظهر والله تعالى أعلم أنه لا يتأتى معه لأنه ﷺ لم يتكلم بما يسيء إلى هذا الصحابي في نفسه بشيء يسمعه فيزعجه كل ما كان منه ﷺ إنما هو تقطيب الجبين وهذه حركة مرئية لا مسموعة.
والحال أن هذا أعمى لا يرى تلك الحركة فكأنه لم يلق إساءة منه صلى الله عليه وسلم.
ثم إنه ﷺ مطمئن له لما هو عليه من خير في دينه كما قال في حنين "وأكل أقواما إلى ما في قلوبهم" أي لما أعطى المؤلفة قلوبهم ولم يعط الأنصار ما هو معروف في القصة فلم يعاتبه الله على ذلك ورضي الأنصار وبكوا فرحا ورضا.
ثم إن تقطيب الجبين وانبساط أسارير الوجه لحزن أو فرح يكاد يكون جبليا مما


الصفحة التالية
Icon