حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} [٦/١٥١] وذكر بر الوالدين والنهي عن قتل الأولاد والقرب من الفواحش وقتل النفس التي حرم الله والنهي عن مال اليتيم.
ثم قال: ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا﴾ [٦/١٥٢].
وتكلم الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه عندها كلاما موجزا مفيدا بأن الأمر هنا بقدر الوسع ومن أخل من غير قصد التعدي لا حرج عليه.
وقال ولم يذكر هنا عقوبة لمن تعمد ذلك ولكنه توعده بالويل في موضع آخر وساق أول هذه السورة ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾
كما بين عاقبة الوفاء بالكيل بقوله ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ [٤/٥٩] أي مالا.
وهنا يلفت كلامه رحمه الله النظر إلى نقطة هامة وهي في قوله تعالى ﴿لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [٦/١٥٢]، حيث إن التطفيف الزيادة الطفيفة والشيء الطفيف القليل.
فكأن الآية هنا تقول تحروا بقدر المستطاع من التطفيف ولو يسيرا.
وبعد بذل الجهد ﴿لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا﴾، وهذا غاية في التحري مع شدة التحذير والتوعد بالويل وإذا كان الوعيد بالويل على الشيء الطفيف فما فوقه من باب أولى.
الموضع الثاني في سورة الأعراف من قوله تعالى ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [٧/٨٥].
فاقترن الأمر بالوفاء بالكيل بالأمر بعبادة الله وحده لأن في الأمرين إعطاء كل ذي حق حقه من غير ما نقص.