﴿الَّذِي سَوَّاهَا﴾، وما مشترك بين العالم وغيره كقوله: ﴿وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ [١٠٩/٣]، ومثله ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [٤/٣].
وتقدم مرارا أحوال السماء في بنائها ورفعها وجعلها سبعا طباقا وقد بين في تلك النصوص كيفية بنائها وأنه سبحانه وتعالى بناها بقوة.
كما في قوله تعالى ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ﴾ [٥١/٤٧]، أي بقوة وقوله تعالى ﴿وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا﴾ [٩١/٦]، مثل ﴿دَحَاهَا﴾ [٧٩/٣٠].
وقالوا: إبدال الدال طاء مشهور، وطحا تأتي بمعنى خلق وبمعنى ذهب في كل شيء فمن الأول:
وما تدري جذيمة من طحاها | ولا من ساكن العرش الرفيع |
طحا بك قلب في الحسان طروب | يعيد الشباب عصر حان مشيب |
تنبيه
قالوا ذكر السماء وما بناها للدلالة على حدوثها وبالتالي على حدوث الشمس والقمر وأن تدبيرهما لله.
وقوله ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [٩١/٧-٨]، قالوا النفس تحمل كامل خلقة الإنسان بجسمه وروحه وقواه الإنسانية من تفكير وسلوك..... إلخ.
وقيل: النفس هنا بمعنى القوى المفكرة المدركة مناط الرغبة والاختيار، وعليه فذكر النفس بالمعنى الأول، تكون تسويتها في استواء خلقتها وتركيب أعضائها وهي غاية في الدلالة على القدرة والكمال والعلم كما في قوله ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [٩٥/٤]، وقال ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ﴾ [٥١/٢١]، أي من أعضاء وأجزاء وتراكيب وعدة أجهزة تبهر العقول في السمع وفي البصر وفي الشم وفي الذوق وفي الحس ومن داخل الجسم ما هو أعظم فحق أن يقسم بها.