الآخر مطلقا مع أنه قد آمن بعضهم فيما بعد وعبد ما يعبده ﷺ وأجاب عن ذلك بأحد أمرين موجزهما أنها من جنس الكفار وإن أسلموا فيما بعد فهو خطاب لهم ما داموا كفارا إلى آخره أو أنها من العام المخصوص فتكون في خصوص من حقت عليهم كلمات ربك ا ه ملخصا.
وقد ذكر أبو حيان وجها عن الزمخشري أن ما يتعلق بالكفار خاص بالحاضر لأن ما إذا دخلت على اسم الفاعل تعينه للحاضر.
وناقشه أبو حيان بأن ذلك في مغالب لا على سبيل القطع.
والذي يظهر من سياق السورة قد يشهد لما ذهب إليه الزمخشري وهو أن السورة تتكلم عن الجانبين على سبيل المقابلة جهة الرسول ﷺ وجهة الكفار في عدم عبادة كل منهما معبود الآخر.
ولكنها لم تساو في اللفظ بين الطرفين فمن جهة الرسول ﷺ جاء في الجملة الأولى ﴿لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾ عبر عن كل منهما بالفعل المضارع الدال على الحال أي لا أعبد الآن ما تعبدون الآن بالفعل ثم قال: ﴿وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ فعبر عنهم بالاسمية وعنه هو بالفعلية أي ولا أنتم متصفون بعبادة ما أعبد الآن.
وفي الجملة الثانية قال: ﴿وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ فعبر عنه بأنه ليس متصفا بعبادة ما يعبدون ولا هم عابدون ما يعبد فكان وصفه هو ﷺ في الجملتين بوصفين مختلفين بالجملة الفعلية تارة وبالجملة الاسمية تارة أخرى فكانت إحداهما لنفي الوصف الثابت والأخرى لنفي حدوثه فيما بعد.
أما هم فلم يوصفوا في الجملتين إلا بالجملة الاسمية الدالة على الوصف الثابت أي في الماضي إلى الحاضر ولم يكن فيما وصفوا به جملة فعلية من خصائصها التجدد والحدوث فلم يكن فيها ما يتعرض للمستقبل فلم يكن إشكال والله تعالى أعلم.
فإن قيل إن الوصف باسم الفاعل يحتمل الحال والاستقبال فيبقى الإشكال محتملا.
قيل ما ذكره الزمخشري من أن دخول ﴿مَا﴾ عليه تعينه للحال يكفي في نفي هذا الاحتمال فإن قيل قد ناقشه أبو حيان وقال إنها أغلبية وليست قطعية.