وفي سورة الفاتحة ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾.
والقراءة الأخرى ﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾.
في القراءتين معا إشعار بالفرق بين ملك الله وملك العباد كالفرق بين الملك المطلق والملك النسبي إذ الملك النسبي لا يملك والملك المطلق فهو الملك القدوس والذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجع الخلائق كلهم.
ومن كانت هذه صفاته فهو المستحق لأن يعبد وحده سبحانه ولا يشرك معه أحد وهذا هو شعار العبد في الركن الخامس من أركان الإسلام حين يهل بالتلبية إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
قوله تعالى: ﴿إِلَهِ النَّاسِ﴾.
هذه هي المرتبة الثالثة في كمال العبودية وإفراد الله تعالى بالألوهية.
وهذا هو محل الإحالة التي عناها الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه فيما يظهر لأن العبد إذا أقر بأن الله ربه وخالقه ومنعم عليه أوجده من العدم ورباه بالنعم لا رب له سواه ثم تدرج بعلمه ويقينه إلى الإقرار بأن ربه هو مليكه والمتصرف في أمره وحده وأنه لا يملك هو نفسه مع الله شيئا ولا يملك له أحد من الله شيئا.
وأن كل تصرفات العالم كله بأمره فلا يصل إليه خير إلا بإذنه ولا يصرف عنه ضرر إلا بأمره.
وعرف في يقين أنه عبد مملوك لمن بيده ملكوت السماوات والأرض توصل بعلمه هذا أن من كانت هذه صفاته كان هو وحده المستحق لإفراده بالعبادة وبالألوهية لا إله إلا هو.
فيكون في خاتمة المصحف الشريف انتزاع الإقرار من العبد لله سبحانه بطريق الإلزام بالمعنى الذي أرسل الله به رسله وأنزل من أجله كتبه وهو أن يعبد الله وحده وهو ما صرح الشيخ به في الإحالة السابقة.
وإذا كان الشيخ رحمه الله قد نبه على مراعاة خاتمة المصحف فإنا لو رجعنا إلى أول المصحف وآخره لوجدنا ربطا بديعا إذ تلك الصفات الثلاث في سورة الناس