فقيل: موتاها وقيل: كنوزها وقيل: التحدث بما عمل عليها الإنسان ولعل الأول أرجح هذه الثلاثة لأن إخراج كنوزها سيكون قبل النفخة والتحدث بالأعمال منصوص عليه بذاته فليس هو الأثقال ورجحوا القول الأول لقوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتاً أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً﴾ [المرسلات: ٢٥-٢٦].
وقالوا الإنس والجن ثقلان على ظهرها فهما ثقل عليها وفي بطنها فهم ثقل فيها ولذا سميا بالثقلين قال الفخر الرازي وابن جرير.
وروي عن ابن عباس أنه موتاها.
وشبيه بذلك قوله: ﴿وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ﴾ [الانشقاق: ٣-٤] ولا يبعد أن يكون الجميع إذا راعينا صيغة الجمع أثقالها ولم يقل ثقلها وإرادة الجمع مروية أيضا عن ابن عباس ذكره الألوسي وابن جرير عنه وعن مجاهد.
وحكى الشيخ رحمه الله تعالى علينا وعليه القولين في إملائه أي موتاها وقيل كنوزها.
وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الْأِنْسَانُ مَا لَهَا﴾ لفظ الإنسان هنا عام وظاهره أن كل إنسان يقول ذلك ولكن جاء ما يدل على أن الذي يقول ذلك هو الكافر أما المؤمن فيقول: ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾ [يّس: ٥٢] وذلك في قوله: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾ [يّس: ٥١-٥٢].
فالكافر يدعو بالويل والمؤمن يطمئن للوعد ومما يدل على أن الجواب من المؤمنين لا من الملائكة كما يقول بعض الناس ما جاء في آخر السياق قوله: ﴿فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ﴾ أي كلا الفريقين ﴿لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ وقوله: ﴿مَا لَهَا﴾ سؤال استيضاح وذهول من هول ما يشاهد.
وقوله: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾ التحديث هنا صريح في الحديث وهو على حقيقته لأن في ذلك اليوم تتغير أوضاع كل شيء وتظهر حقائق كل شيء وكما أنطق الله الجلود ينطق الأرض فتحدث بأخبارها {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا


الصفحة التالية
Icon