باب كيفية التلاوة لكتاب الله تعالى، وما يكره منها وما يحرم، واختلاف الناس في ذلك
روى البُخَاري عن قتادة قال: سألت أنَساً عن قراءة رسول الله ﷺ فقال: " كان يمَُدّ مَدّاً [إذا] قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، يمدّ بسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم. وروى الترمذيّ عن أم سلمة قالت: كان رسول الله ﷺ يُقَِّطع قراءته يقول: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ثم يقف ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ثم يقف وكان يقرؤها ﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ قال: حديث غريب وأخرجه أبو داود بنحوه.
وروي عن النبي ﷺ أنه قال: "أحسن الناس صوتا من إذا قرأ رأيته يخشى الله تعالى". وروي عن زياد النميري أنه جاء مع القراء إلى أنس بن مالك فقيل له: اقرأ فرفع صوته وطرب، وكان رفيع الصوت، فكشف أنس عن وجهه، وكان على وجهه خرقة سوداء فقال: يا هذا، ما هكذا كانوا يفعلون! وكان إذا رأى شيئا ينكره كشف الخرقة عن وجهه. وروي عن قيس بن عباد أنه قال كان أصحاب رسول الله ﷺ يكرهون رفع الصوت عند الذكر. وممن روى عنه كراهة رفع الصوت عند قراءة القرآن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والقاسم بن محمد والحسن وابن سيرين والنخعي وغيرهم، وكرهه مالك بن أنس وأحمد بن حنبل؛ كلهم كره رفع الصوت بالقرآن والتطريب فيه. روى عن سعيد بن المسيب أنه سمع عمر بن عبد العزيز يؤم الناس فطرب في قراءته؛ فأرسل إليه سعيد يقول: أصلحك الله! إن الأئمة لا تقرأ هكذا فترك عمر التطريب بعد. وروي عن القاسم بن محمد أن رجلاً قرأ في مسجد النبي ﷺ فطرب فأنكر ذلك القاسم وقال يقول الله عز وجل: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ الآية.
وروي عن مالك أنه سئل عن النبر في قراءة القرآن في الصلاة؛ فأنكر ذلك وكرهه كراهة شديدة، وأنكر رفع الصوت به. وروى ابن القاسم عنه أنه سئل عن الألحان في الصلاة