والحق خلاف الباطل. والحق: واحد الحقوق. والحقة "بفتح الحاء" أخص منه، يقال: هذه حقتي، أي حقي.
﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ لغة بني تميم وبني عامر في "أما" أيما، يبدلون من إحدى الميمين ياء كراهية التضعيف، وعلى هذا ينشد بيت عمر بن أبي ربيعة:

رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت فيضحى وأيما بالعشي فيخصر
قوله تعالى: ﴿فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً﴾ اختلف النحويون في "ماذا"، فقيل: هي بمنزلة اسم واحد بمعنى أي شيء أراد الله، فيكون في موضع نصب بـ "أراد". قال ابن كيسان: وهو الجيد. وقيل: "ما" اسم تام في موضع رفع بالابتداء، و"ذا" بمعنى الذي وهو خبر الابتداء، ويكون التقدير: ما الذي أراده الله بهذا مثلا، ومعنى كلامهم هذا: الإنكار بلفظ الاستفهام. و"مثلا" منصوب على القطع، التقدير: أراد مثلا، قاله ثعلب. وقال ابن كيسان: هو منصوب على التمييز الذي وقع موقع الحال.
قوله تعالى: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً﴾ قيل: هو من قول الكافرين، أي ما مراد الله بهذا المثل الذي يفرق به الناس إلى ضلالة وإلى هدى. وقيل: بل هو خبر من الله عز وجل، وهو أشبه، لأنهم يقرون بالهدى أنه من عنده، فالمعنى: قل يضل الله به كثيرا ويهدي به كثيرا، أي يوفق ويحذل، وعليه فيكون فيه رد على من تقدم ذكرهم من المعتزلة وغيرهم في قولهم: إن الله لا يخلق الضلال ولا الهدى. قالوا: ومعنى ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً﴾ التسمية هنا، أي يسميه ضالا، كما يقال: فسقت فلانا، يعني سميته فاسقا، لأن الله تعالى لا يضل أحدا. هذا طريقهم في الإضلال، وهو خلاف أقاويل المفسرين، وهو غير محتمل في اللغة، لأنه يقال: ضلله إذا سماه ضالا، ولا يقال: أضله إذا سماه ضالا، ولكن معناه ما ذكره المفسرون أهل التأويل من الحق أنه يخذل به كثيرا من الناس مجازاة لكفرهم. ولا خلاف أن قوله:


الصفحة التالية
Icon