قال الدّاني رضي الله عنه: وهذه الأخبار كلها تؤذن بأن التعشير والتخميس وفواتح السور ورءوس الآي من عمل الصحابة رضي الله عنهم قادهم إلى عمله الاجتهاد وأرى أن من كره ذلك منهم ومن غيرهم إنما كره أن يعمل بالألوان كالحمرة والصفرة وغيرهما؛ على أن المسلمين في سائر الآفاق قد أطبقوا على جواز ذلك واستعماله في الأمهات وغيرها والحرج والخطأ مرتفعان عنهم فيما أطبقوا عليه إن شاء الله.
(فصل)- وأما عدد حروفه وأجزائه فروى سلام أبو محمد الحماني أن الحجاج بن يوسف جمع القراء والحفاظ والكتاب فقال: أخبروني عن القرآن كله كم من حرف هو قال: وكنت فيهم، فحسبنا فأجمعنا على أن القرآن ثلثمائة ألف حرف وأربعون ألف حرف وسبعمائة حرف وأربعون حرفا قال: فأخبروني إلى أي حرف ينتهي نصف القرآن فإذا هو الكهف ﴿وَلْيَتَلَطَّفْ﴾ في الفاء قال فأخبروني بأثلاثه فإذا الثلث الأول رأس مائة من براءة والثلث الثاني رأس مائة أو إحدى ومائة من طسم الشعراء والثلث الثالث مابقي من القرآن قال: فأخبروني بأسباعه على الحروف فإذا أول سبع في النساء ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ﴾ في الدال والسبع الثاني في الأعراف ﴿أُولَئِكَ حَبِطَتْ﴾ في التاء والسبع الثالث في الرعد ﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ﴾ في الألف من آخر أكلها والسبع الرابع في الحج ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً﴾ في الألف والسبع الخامس في الأحزاب ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ﴾ في الهاء والسبع السادس في الفتح ﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ﴾ في الواو والسبع السابع ما بقي من القرآن قال سلام أبو محمد: علمناه في أربعة أشهر وكان الحجاج يقرأ في كل ليلة ربعا فأول ربعه خاتمة الأنعام والربع الثاني في الكهف وليتلطف والربع الثالث خاتمة الزمر والربع الرابع ما بقي من القرآن وفي هذه الجملة خلاف مذكور في كتاب البيان لأبي عمرو الداني من أراد الوقوف عليه وجده هناك فصل وأما عدد آي القرآن في المدني الأول فقال محمد بن عيسى: جميع عدد آي القرآن في المدني الأول ستة آلاف آية. قال أبو عمرو: وهو العدد الذي رواه أهل الكوفة عن أهل المدينة ولم يسموا في ذلك أحدا بعينه يسندونه إليه.