نظر. والأحسن أن ينتصب على الحال ويحذف التنوين لسكونه وسكون اللام من الحياة؛ كما قرئ ﴿وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارَ﴾ بنصب النهار بسابق على تقدير حذف التنوين لسكونه وسكون اللام، وتكون “الحياة” مخفوضة على البدل من ﴿مَا﴾ في قوله: ﴿إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ﴾ فيكون التقدير: ولا تمدن عينيك إلى الحياة الدنيا زهرة أي في حال زهرتها. ولا يحسن أن يكون ﴿زَهْرَةَ﴾ بدلا من ﴿مَا﴾ على الموضع في قوله: ﴿إِلَى مَا مَتَّعْنَا﴾ لأن ﴿لِنَفْتِنَهُمْ﴾ متعلق و ﴿مَتَّعْنَا﴾ و ﴿زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ يعني زينتها بالنبات. والزهرة، بالفتح في الزاي والهاء نور النبات. والزهرة بضم الزاي وفتح الهاء النجم. وبنو زهرة بسكون الهاء؛ قاله ابن عزيز. وقرأ عيسى بن عمر ﴿زَهْرَةَ﴾ بفتح الهاء مثل نهر ونهر. ويقال: سراج زاهر أي له بريق. وزهر الأشجار ما يروق من ألوانها. وفي الحديث: كان النبي ﷺ أزهر اللون أي نير اللون؛ يقال لكل شيء مستنيرك زاهر، وهو أحسن الألوان. ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ أي لنبتليهم. وقيل: لنجعل ذلك فتنة لهم وضلالا، ومعنى الآية: لا تجعل يا محمد لزهرة الدنيا وزنا، فإنه لا بقاء لها. ﴿وَلا تَمُدَّنَ﴾ أبلغ من لا تنظرن، لأن الذي يمد بصره، إنما يحمله على ذلك حرص مقترن، والذي ينظر قد لا يكون ذلك معه.
مسألة: قال بعض الناس سبب نزول هذه الآية ما رواه أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال نزل ضيف برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلني عليه السلام إلى رجل من اليهود، وقال قل له يقول لك محمد: نزل بنا ضيف ولم يلق عندنا بعض الذي يصلحه؛ فبعني كذا وكذا من الدقيق، أو أسلفني إلى هلال رجب فقال: لا، إلا برهن. قال: فرجعت إلى رسول الله ﷺ فأخبرته فقال: "والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض ولو أسلفني أو باعني لأديت إليه اذهب بدرعي إليه" ونزلت الآية تعزية له عن الدنيا. قال ابن عطية وهذا معترض أن يكون سببا؛ لأن السورة مكية والقصة المذكورة مدنية في آخر عمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مات ودرعه مرهونة عند يهودي بهذه القصة التي ذكرت؛ وإنما الظاهر أن الآية متناسقة مع ما قبلها، وذلك أن الله تعالى


الصفحة التالية
Icon