قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ﴾ قال قتادة والضحاك وغيرهما: عني بهذه الآية إبليس حيث أدعى الشركة، ودعا إلى عبادة نفسه وكان من الملائكة، ولم يقل أحد من الملائكة إني إله غيره. وقيل: الإشارة إلى جميع الملائكة، أي فذلك القائل ﴿نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ﴾ وهذا دليل على أنهم وإن أكرموا بالعصمة فهم متعبد ون، وليسوا مضطرين إلى العبادة كما ظنه بعض الجهال. وقد استدل ابن عباس بهذه الآية على أن محمدا ﷺ أفضل أهل السماء. وقد تقدم في “البقرة”. ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ أي كما جزينا هذا بالنار فكذلك نجزي الظالمين الواضعين الألوهية والعبادة في غير موضعهما.
الآيات: ٣٠ - ٣٣ ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ، وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ، وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ، وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قراءة العامة ﴿أَوَلَمْ﴾ بالواو. وقرأ ابن كثير وابن محيصن وحميد وشبل بن عباد ﴿أَلَمْ يَرَ﴾ بغير واو وكذلك هو في مصحف مكة. ﴿أَوَلَمْ يَرَ﴾ بمعنى يعلم. ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً﴾ قال الأخفش: ﴿كَانَتَا﴾ لأنهما صنفان، كما تقول العرب: هما لقاحان أسودان، وكما قال الله عز وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا﴾ [فاطر: ٤١] قال أبو إسحاق: ﴿كَانَتَا﴾ لأنه يعبر عن السموات بلفظ الواحد بسماء؛ ولأن السموات كانت سماء واحدة، وكذلك الأرضون. وقال: ﴿رَتْقاً﴾