الثانية- في هذا الحديث والآية دليل على أن القرب في الأنساب لا ينفع مع البعد في الأسباب، ودليل على جواز صلة المؤمن الكافر وإرشاده ونصيحته؛ لقوله: "إن لكم رحما سأبلها ببلالها" وقوله عز وجل: ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ﴾ [الممتحنة: ٨] الآية، على ما يأتي بيانه هناك إن شاء الله.
قوله تعالى: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ تقدم في سورة ﴿الحجر﴾ و﴿سبحان﴾ يقال: خفض جناحه إذا لان. ﴿فَإِنْ عَصَوْكَ﴾ أي خالفوا أمرك. ﴿فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ أي بريء من معصيتكم إياي؛ لأن عصيانهم إياه عصيان لله عز وجل، لأنه عليه السلام لا يأمر إلا بما يرضاه، ومن تبرأ منه فقد تبرأ الله منه.
﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ أي فوض أمرك إليه فإنه العزيز الذي لا يغالب، الرحيم الذي لا يخذل أولياءه. وقرأ العامة: ﴿وَتَوَكَّلْ﴾ بالواو وكذلك هو في مصاحفهم.
وقرأ نافع وابن عامر: ﴿فَتَوَكَّلْ كل﴾ بالفاء وكذلك هو في مصاحف المدينة والشام. ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾ أي حين تقوم إلى الصلاة في قول أكثر المفسرين: ابن عباس وغيره. وقال مجاهد: يعني حين تقوم حيثما كنت. ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ قال مجاهد وقتادة: في المصلين. وقال ابن عباس: أي في أصلاب الآباء، آدم ونوح وإبراهيم حتى أخرجه نبيا. وقال عكرمة: يراك قائما وراكعا وساجدا؛ وقاله ابن عباس أيضا. وقيل: المعني؛ إنك ترى بقلبك في صلاتك من خلفك كما ترى بعينك من قدامك. وروي عن مجاهد، ذكره الماوردي والثعلبي. وكان عليه السلام يرى من خلفه كما يرى من بين يديه، وذلك ثابت في الصحيح وفي تأويل الآية بعيد ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ تقدم.
الآية: [٢٢١] ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ﴾
الآية: [٢٢٢] ﴿تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾
الآية: [٢٢٣] ﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ﴾


الصفحة التالية
Icon