والطغيان بالنعمة؛ قاله الزجاج ﴿مَعِيشَتَهَا﴾ أي في معيشتها فلما حذف ﴿في﴾ تعدى الفعل؛ قاله المازني الزجاج كقوله: ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً﴾ الفراء: هو منصوب على التفسير. قال كما تقول: أبطرت مالك وبطرته ونظيره عنده: ﴿إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ وكذا عنده. ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً﴾ ونصب المعارف على التفسير محال عند البصريين؛ لأنمعنى التفسير والتمييز أن يكون واحدا نكرة يدل على الجنس وقيل: أنتصب بـ ﴿بَطِرَتْ﴾ ومعنى: ﴿بَطِرَتْ﴾ جهلت؛ فالمعنى: جهلت شكر معيشتها. ﴿فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ أي لم تسكن بعد إهلاك أهلها إلا قليلا من المساكن وأكثرها خراب والاستثناء يرجع إلى المساكن أي بعضها يسكن؛ قاله الزجاج واعترض عليه؛ فقيل: لو كان الاستثناء يرجع إلى المساكن لقال إلا قليل؛ لأنك تقول: القوم لم تضرب إلا قليل، ترفع إذا كان المضروب قليلا، وإذا نصبت كان القليل صفة للضرب؛ أي لم تضرب إلا ضربا قليلا، فالمعنى إذا: فتلك مساكنهم لم يسكنها إلا المسافرون ومن مر بالطريق يوما أو بعض يوم أي لم تسكن من بعدهم إلا سكونا قليلا. وكذا قال ابن عباس: لم يسكنها إلا المسافر أو مار الطريق يوما أو ساعة ﴿وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ﴾ أي لما خلفوا بعد هلاكهم.
[٥٩] ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾
الآية: [٦٠] ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾
الآية: [٦١] ﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾
قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى﴾ أي القرى الكافر أهلها. ﴿حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا﴾ قرئ بضم الهمزة وكسرها لإتباع الجر يعني مكة. و ﴿رَسُولاً﴾ يعني محمدا صلى الله عليه وسلم.