وأنبت بدلها الأراك والطرفاء والسدر. القشري: وأشجار البوادي لا تسمى جنة وبستانا ولكن لما وقعت الثانية في مقابلة الأولى أطلق لفظ الجنة، وهو كقوله تعالى: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ﴾ ويحتمل أن يرجع قوله ﴿ قَلِيلٍ ﴾ إلى جملة ما ذكر من الخمط والأثل والسدر.
الآية: [١٧] ﴿ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ ﴾
قوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا ﴾ أي هذا التبديل جزاء كفرهم. وموضع ﴿ ذَلِكَ ﴾ نصب؛ أي جزيناهم ذلك بكفرهم. ﴿ وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ ﴾ قراءة العامة ﴿يُجَازَى﴾ بياء مضمومة وزاي مفتوحة، ﴿ الْكَفُورَ ﴾ رفعا على ما لم يسم فاعله. وقرأ يعقوب وحفص وحمزة والكسائي: ﴿نُجازِي﴾ بالنون وكسر الزاي، ﴿الكفورَ﴾ بالنصب، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، قالا: لأن قبله ﴿ جَزَيْنَاهُمْ ﴾ ولم يقل جوزوا. النحاس: والأمر في هذا واسع، والمعنى فيه بين، ولو قال قائل: خلق الله تعالى آدم ﷺ من طين، وقال آخر: خلق آدم من طين، لكان المعنى واحدا.
مسألة: في هذه الآية سؤال ليس في هذه السورة أشد منه، وهو أن يقال: لم خص الله تعالى المجازاة بالكفور ولم يذكر أصحاب المعاصي؟ فتكلم العلماء في هذا؛ فقال قوم: ليس يجازى بهذا الجزاء الذي هو الإصطلام والإهلاك إلا من كفر. وقال مجاهد: يجازى بمعنى يعاقب؛ وذلك أن المؤمن يكفر الله تعالى عنه سيئاته، والكافر يجازى بكل سوء عمله؛ فالمؤمن يجزى ولا يجازى لأنه يئاب. وقال طاوس: هو المناقشة في الحساب، وأما المؤمن فلا يناقش الحساب. وقال قطرب خلاف هذا، فجهلها في أهل المعاصي غير الكفار، وقال: المعنى على من كفر بالنعم وعمل بالكبائر. النحاس: وأولى ما قيل في هذه الآية وأجل ما روي فيها: أن الحسن قال مثلا بمثل. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم


الصفحة التالية
Icon