وهذا لاحجة فيه؛ لأن سيبويه لم يجزه، وإنما حكاه عن بعض النحويين، والحديث إذا قيل فيه عن بعض العلماء لم يكن فيه حجة، فكيف وإنما جاء به على وجه الشذوذ ولضرورة الشعر وقد خولف فيه. وزعم الزجاج أن أبا العباس أنشده:
إذا اعوججن قلت صاح قوم
وأنه أنشد:
فاليوم اشرب غير مستحقب
بوصل الألف على الأمر؛ ذكر جميعه النحاس. الزمخشري: وقرأ حمزة ﴿ الْمَكْرُ السَّيِّئُ ﴾ بسكون الهمزة، وذلك لاستثقاله الحركات، ولعله اختلس فظن سكونا، أو وقف وقفة خفيفة ثم ابتدأ ﴿وَلا يَحِيقُ﴾. وقرأ ابن مسعود ﴿ وَمَكْرَاً سيئاً ﴾ وقال المهدوي: ومن سكن الهمزة من قوله: ﴿ومكر السيئ﴾ فهو على تقدير الوقف عليه، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف، أو على أنه أسكن الهمزة لتوالي الكسرات والياءات، كما قال:
فاليوم اشرب غير مستحقب
قال القشيري: وقرأ حمزة ﴿ومكر السيئْ ﴾ بسكون الهمزة، وخطأه أقوام. وقال قوم: لعله وقف عليه لأنه تمام الكلام، فغلط الراوي وروى ذلك عنه في الإدراج، وقد سبق الكلام في أمثال هذا، وقلنا: ما ثبت بالاستفاضة أو التواتر أن النبي ﷺ قرأه فلا بد من جوازه، ولا يجوز أن يقال: إنه لحن، ولعل مراد من صار إلى الخطة أن غيره أفصح منه، وإن كان هو فصيحا. ﴿ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ أي لا ينزل عاقبه الشرك إلا بمن أشرك. وقيل: هذا إشارة إلى قتلهم ببدر. وقال الشاعر:

وقد دفعوا المنية فاستقلت ذراعا بعد ما كانت تحيق
أي تنزل، وهذا قول قطرب. وقال الكلبى: ﴿ يَحِيقُ ﴾ بمعنى يحيط. والحوق الإحاطة، يقال: حاق به كذا أي أحاط به. وعن ابن عباس أن كعبا قال له: إني أجد في التوراة "من حفر لأخيه حفرة وقع فيها"؟ فقال ابن عباس: فاني أوجدك في القرآن ذلك. قال: وأين؟ قال: فاقرأ ﴿ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّبِأَهْلِهِ ﴾ ومن أمثال


الصفحة التالية
Icon