﴿ لَشَرَّ مَآبٍ ﴾ أي منقلب يصيرون إليه. ﴿ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ أي بئس ما مهدوا لأنفسهم، أو بئس الفراش لهم. ومنه مهد الصبي. وقيل: فيه حذف أي بئس موضع المهاد. وقيل: أي هذا الذي وصفت لهؤلاء المتقين، ثم قال: وإن للطاغين لشر مرجع فيوقف على ﴿هذا﴾ أيضا.
قوله تعالى: ﴿ هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ﴾ ﴿ هَذَا ﴾ في موضع رفع بالابتداء وخبره ﴿ حَمِيمٌ ﴾ على التقديم والتأخير؛ أي هذا حميم وغساق فليذوقوه. ولا يوقف على ﴿ فَلْيَذُوقُوهُ ﴾ ويجوز أن يكون ﴿هذا﴾ في موضع رفع بالابتداء و ﴿ فَلْيَذُوقُوهُ ﴾ في موضع الخبر، ودخلت الفاء للتنبيه الذي في ﴿هذا﴾ فيوقف على ﴿ فَلْيَذُوقُوهُ ﴾ ويرتفع ﴿ حَمِيمٌ ﴾ على تقدير هذا حميم. قال النحاس: ويجوز أن يكون المعنى الأمر هذا، وحميم وغساق إذا لم تجمعهما خبرا فرفعهما على معنى هو حميم وغساق. والفراء يرفعهما بمعنى منه حميم ومنه غساق وأنشد:

حتى إذا ما أضاء الصبح في غلس وغودر البقل ملوى ومحصود
وقال آخر:
لها متاع وأعوان غدون به قتب وغرب إذا ما أفرغ أنسحقا
ويجوز أن يكون ﴿هذا﴾ في موضع نصب بإضمار فعل يفسره ﴿ فَلْيَذُوقُوهُ ﴾ كما تقول زيدا اضربه. والنصب في هذا أولى فيوقف على ﴿ فَلْيَذُوقُوهُ ﴾ وتبتدئ ﴿ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ﴾ على تقدير الأمر حميم وغساق. وقراءة أهل المدينة وأهل البصرة وبعض الكوفيين بتخفيف السين في ﴿ وَغَسَّاقٌ ﴾. وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي ﴿ وَغَسَّاقٌ ﴾ بالتشديد، وهما لغتان بمعنى واحد في قول الأخفش. وقيل: معناهما مختلف؛ فمن خفف فهو اسم مثل عذاب وجواب وصواب، ومن شدد قال: هو اسم فاعل نقل إلى فعال للمبالغة، نحو ضراب وقتال وهو فعال من غسق يغسق فهو غساق وغاسق. قال ابن عباس: هو الزمهرير يخوفهم


الصفحة التالية
Icon