﴿ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ﴾ أي لا تمنعون من عذابه. وروى من حديث جابر أن رسول الله ﷺ قال: "من السعادة أن يطيل الله عمر المرء في الطاعة ويرزقه الإنابة، وإن من الشقاوة أن يعمل المرء ويعجب بعمله".
قوله تعالى: ﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ﴾ ﴿ أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ ﴾ هو القرآن وكله حسن، والمعنى ما قال الحسن: التزموا طاعته، واجتنبوا معصيته. وقال السدي: الأحسن ما أمر الله به في كتابه. وقال ابن زيد: يعني المحكمات، وكلوا علم المتشابه إلى علمه. وقال: أنزل الله كتب التوراة والإنجيل والزبور، ثم أنزل القرآن وأمر باتباعه فهو الأحسن وهو المعجز. وقيل: هذا أحسن لأنه ناسخ قاض على جميع الكتب وجميع الكتب منسوخة. وقيل: يعني العفو؛ لأن الله تعالى خير نبيه عليه السلام بين العفو والقصاص. وقيل: ما علم الله النبي عليه السلام وليس بقرآن فهو حسن؛ وما أوحى إليه من القرآن فهو الأحسن. وقيل: أحسن ما أنزل إليكم من أخبار الأمم الماضية.
قوله تعالى- ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ ﴾ ﴿أن﴾ في موضع نصب أي كراهة ﴿ أَنْ تَقُولَ ﴾ وعند الكوفيين لئلا تقول وعند البصريين حذر ﴿ أَنْ تَقُولَ ﴾. وقيل: أي من قبل ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ ﴾ لأنه قال قيل هذا: ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ﴾ الزمخشري: فإن قلت لم نكرت؟ قلت: لأن المراد بها بعض الأنفس وهى نفس الكافر. ويجوز أن يريد نفسا متميزة من الأنفس، إما بلجاج في الكفر شديد، أو بعقاب عظيم. ويجوز أن يراد التكثير كما قال الأعشى:

ورب بقيع لو هتفت بجوه أتاني كريم ينفض الرأس معضبا
وهو يريد أفواجا من الكرام ينصرونه لا كريما واحدا، ونظيره: رب بلد قطعت، ورب بطل قارعت، ولا يقصد إلا التكثير. ﴿ يَا حَسْرَتَا ﴾ والأصل ﴿ يَا حَسْرَتَى ﴾ فأبدل من الياء ألف؛ لأنها أخف وأمكن في الاستغاثة بمد الصوت، وربما ألحقوا بها الهاء؛ أنشد الفراء:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
يا مرحباه بحمار ناجيه إذا أتى قربته للسانيه