قتادة: هؤلاء أصناف؛ صنف منهم قال: ﴿ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ﴾. وصنف منهم قال: ﴿ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾. وقال آخر: ﴿ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ فقال الله تعالى ردا لكلامهم: ﴿ بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي ﴾ قال الزجاج: ﴿بلى﴾ جواب النفي وليس في الكلام لفظ النفي، ولكن معنى ﴿ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي ﴾ ما هداني، وكأن هذا القائل قال ما هديت؛ فقيل: بل قد بين لك طريق الهدى فكنت بحيث لو أردت أن تؤمن أمكنك أن تؤمن. ﴿آياتي﴾ أي القرآن. وقيل: عنى بالآيات المعجزات؛ أي وضح الدليل فأنكرته وكذبته. ﴿ وَاسْتَكْبَرْتَ ﴾ أي تكبرت عن الإيمان ﴿ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾. وقال: ﴿ وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ ﴾ وهو خطاب الذكر؛ لأن النفس تقع على الذكر والأنثى. يقال: ثلاثة أنفس. وقال المبرد؛ تقول العرب نفس واحد أي إنسان واحد. وروى الربيع بن أنس عن أم سلمة عن النبي ﷺ قرأ: ﴿ بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾. وقرأ الأعمش: ﴿ بَلَى قَدْ جَاءَتْهُ آيَاتِي ﴾ وهذا يدل على التذكير. والربيع بن أنس لم يلحق أم سلمة إلا أن القراءة جائزة؛ لأن النفس تقع للمذكر والمؤنث. وقد أنكر هذه القراءة بعضهم وقال: يجب إذا كسر التاء أن تقول وكنت من الكوافر أو من الكافرات. قال النحاس: وهذا لا يلزم؛ ألا ترى أن قبله ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ ﴾ ثم قال: ﴿ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ ولم يقل من السواخر ولا من الساخرات. والتقدير في العربية على كسر التاء ﴿ وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ ﴾ من الجمع الساخرين أو من الناس الساخرين أو من القوم الساخرين.
الآية: [٦٠] ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾
الآية: [٦١] ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
الآية: [٦٢] ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾
الآية: [٦٣] ﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾
الآية: [٦٤] ﴿ قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ﴾


الصفحة التالية
Icon