قلت: هذا الفرق هو الذي وقع في الصحاح وقد ذكرناه. وقرأ أبو رجاء والحسن وأبو الأشهب والأعرج وأبو جعفر وشيبة ﴿فكهين﴾ بغير ألف، ومعناه أشرين بطرين. قال الجوهري: فكة الرجل (بالكسر) فهو فكه إذا كان طب النفس مزاحا. والفكه أيضا الأشر البطر. وقرئ ﴿ونعمة كانوا فيها فكهين﴾ أي أشرين بطرين. و ﴿فاكهين﴾ أي ناعمين. القشيري: ﴿فاكهين﴾ لاهين مازحين، يقال: إنه لفاكه أي مزاج. وفيه فكاهة أي مزح. الثعلبي: وهما لغتان كالحاذر والحذر، والفاره والفره. وقيل: إن الفاكه هو المستمتع بأنواع اللذة كما يتمتع الآكل بأنواع الفاكهة. والفاكهة: فضل عن القوت الذي لا بد منه.
الآية: ٢٨ ﴿كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ﴾
قال الزجاج: أي الأمر كذلك؛ فيوقف على ﴿كَذَلِكَ﴾. وقيل: إن الكاف في موضع نصب، على تقدير نفعل فعلا كذلك بمن نريد إهلاكه. وقال الكلبي: ﴿كَذَلِكَ﴾ أفعل بمن عصاني. وقيل: ﴿كَذَلِكَ﴾ كان أمرهم فأهلكوا. ﴿وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ﴾ يعني بنى إسرائيل، ملكهم الله تعالى أرض مصر بعد أن كانوا فيها مستعبدين، فصاروا لها وارثين؛ لوصول ذلك إليهم كوصول الميراث. ونظيره: ﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا﴾ [الأعراف: ١٣٧].
الآية: ٢٩ ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ﴾
قوله تعالى: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾ أي لكفرهم. ﴿وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ﴾ أي مؤخرين بالغرق. وكانت العرب تقول عند موت السيد منهم: بكت له السماء والأرض؛ أي عمت مصيبته الأشياء حتى بكته السماء والأرض والريح والبرق، وبكته الليالي الشاتيات. قال الشاعر:


الصفحة التالية
Icon