ألا بكرت مي بغير سفاهة تعاتب والمودود ينفعه العزر
وقال ابن عباس وعكرمة: تقاتلون معه بالسيف. وقال بعض أهل اللغة: تطيعوه. ﴿وَتُوَقِّرُوهُ﴾ أي تسودوه، قاله السدي. وقيل تعظموه. والتوقير: التعظيم والترزين أيضا. والهاء فيهما للنبي صلى الله عليه وسلم. وهنا وقف تام، ثم تبتدئ ﴿وَتُسَبِّحُوهُ﴾ أي تسبحوا الله ﴿بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ أي عشيا. وقيل: الضمائر كلها لله تعالى، فعلى هذا يكون تأويل ﴿تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾ أي تثبتوا له صحة الربوبية وتنفوا عنه أن يكون له ولد أو شريك. واختار هذا القول القشيري. والأول قول الضحاك، وعليه يكون بعض الكلام راجعا إلى الله سبحانه وتعالى وهو ﴿وَتُسَبِّحُوهُ﴾ من غير خلاف. وبعضه راجعا إلى رسول ﷺ وهو ﴿وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾ أي تدعوه بالرسالة والنبوة لا بالاسم والكنية. وفي ﴿تُسَبِّحُوهُ﴾ وجهان: تسبيحه بالتنزيه له سبحانه من كل قبيح. والثاني: هو فعل الصلاة التي فيها التسبيح. ﴿بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ أي غدوة وعشيا. وقد مضى القول فيه. وقال الشاعر:
لعمري لأنت البيت أكرم أهله وأجلس في أفيائه بالأصائل
١٠ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ﴾
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ﴾ بالحديبية يا محمد. ﴿إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ﴾ بين أن بيعتهم لنبيه إنما هي بيعة الله، كما قال تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: ٨٠]. وهذه المبايعة هي بيعة الرضوان، على ما يأتي بيانها في هذه السورة إن شاء الله تعالى. ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ قيل: يده في الثواب فوق أيديهم في الوفاء، ويده في المنة عليهم بالهداية فوق أيديهم في الطاعة. وقال الكلبي: معناه نعمة الله عليهم فوق ما صنعوا


الصفحة التالية
Icon