الذين تخلفوا عن الحديبية وقد عذرهم. أي من شاء أن يسير منهم معكم إلى خيبر فليفعل. ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ فيما أمره. ﴿يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ قرأ نافع وابن عامر ﴿ندخله﴾ بالنون على التعظيم. الباقون بالياء، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لتقدم اسم الله أولا. ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً﴾.
الآية: ١٨ ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً، وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾
قوله تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ هذه بيعة الرضوان، وكانت بالحديبية، وهذا خبر الحديبية على اختصار: وذلك أن النبي ﷺ أقام منصرفه من غزوة بني المصطلق في شوال، وخرج في ذي القعدة معتمرا، واستنفر الأعراب الذين حول المدينة فأبطأ عنه أكثرهم، وخرج النبي ﷺ بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن اتبعه من العرب، وجميعهم نحو ألف وأربعمائة. وقيل: ألف وخمسمائة. وقيل غير هذا، على ما يأتي. وساق معه الهدي، فأحرم رسول الله ﷺ ليعلم الناس أنه لم يخرج لحرب، فلما بلغ خروجه قريشا خرج جمعهم صادين لرسول الله ﷺ عن المسجد الحرام ودخول مكة، وإنه إن قاتلهم قاتلوه دون ذلك، وقدموا خالد بن الوليد في خيل إلى (كراع الغميم) فورد الخبر بذلك على رسول الله ﷺ وهو (بعسفان) وكان المخبر له بشر بن سفيان الكعبي، فسلك طريقا يخرج به في ظهورهم، وخرج إلى الحديبية من أسفل مكة، وكان دليله فيهم رجل من أسلم، فلما بلغ ذلك خيل قريش التي مع خالد جرت إلى قريش تعلمهم بذلك،