ابن عبدالله قال: نحرنا مع رسول الله ﷺ عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة. وعنه قال: اشتركنا مع رسول الله ﷺ في الحج والعمرة كل سبعة في بدنة. فقال رجل لجابر: أيشترك في البدنة ما يشترك في الجزور؟ قال: ما هي إلا من البدن. وحضر جابر الحديبية قال: ونحرنا يومئذ سبعين بدنة، اشتركنا كل سبعة في بدنة. وفي البخاري عن ابن عمر قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ معتمرين، فحال كفار قريش دون البيت، فنحر رسول الله ﷺ بدنة وحلق رأسه. قيل: إن الذي حلق رأسه يومئذ خراش بن أمية بن أبي العيص الخزاعي، وأمر رسول الله ﷺ المسلمين أن ينحروا ويحلوا، ففعلوا بعد توقف كان منهم أغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت له أم سلمة: لو نحرت لنحروا، فنحر رسول الله ﷺ هديه ونحروا بنحره، وحلق رسول الله ﷺ رأسه ودعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة. ورأى كعب بن عجرة والقمل يسقط على وجهه، فقال: "أيؤذيك هوامك" ؟ قال نعم، فأمره أن يحلق وهو بالحديبية. خرجه البخاري والدارقطني. وقد مضى في "البقرة".
الثالثة: قوله تعالى: ﴿وَالْهَدْيَ﴾ والهَديُ والهَدِيّ لغتان. وقرئ ﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦] بالتخفيف والتشديد، الواحدة هدية. وقد مضى في "البقرة" أيضا. وهو معطوف على الكاف والميم من ﴿صَدُّوكُمْ﴾. و﴿مَعْكُوفاً﴾ حال، وموضع ﴿أنْ﴾ من قوله: ﴿أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ نصب على تقدير الحمل على ﴿صَدُّوكُمْ﴾ أي صدوكم وصدوا الهدي عن أن يبلغ. ويجوز أن يكون مفعولا له، كأنه قال: وصدوا الهدي كراهية أن يبلغ محله. أبو علي: لا يصح حمله على العكف، لأنا لا نعلم ﴿عكف﴾ جاء متعديا، ومجيء ﴿مَعْكُوفاً﴾ في الآية يجوز أن يكون محمولا على المعنى، كأنه لما كان حبسا حمل المعنى على ذلك، كما حمل الرفث على معنى الإفضاء فعدي بإلى، فإن حمل على ذلك كان موضعه نصبا على قياس قول سيبويه، وجرا على قياس