ارتفع إلى مكانه على ما ذكرنا أنفا. الثاني أنه النبي ﷺ ارتفع بالمعراج. وقول سادس ﴿فَاسْتَوَى﴾ يعني الله عز وجل، أي استوى على العرش على قول الحسن. وقد مضى القول فيه في "الأعراف".
قوله تعالى: ﴿وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى﴾ جملة في موضع الحال، والمعنى فاستوى عاليا، أي استوى جبريل عاليا على صورته ولم يكن النبي ﷺ قبل ذلك يراه عليها حتى سأله إياها على ما ذكرنا. والأفق ناحية السماء وجمعه آفاق. وقال قتادة: هو الموضع الذي تأتى منه الشمس. وكذا قال سفيان: هو الموضع الذي تطلع منه الشمس. ونحوه عن مجاهد. ويقال: أفق وأفق مثل عسر وعسر. وقد مضى في "حم السجدة". وفرس أفق بالضم أي رائع وكذلك الأنثى؛ قال الشاعر:
أرجل لمتي وأجر ذيلي | وتحمل شكتي أفق كميت |
وقيل:
﴿وَهُوَ﴾ أي النبي ﷺ
﴿بِالأُفُقِ الأَعْلَى﴾ يعني ليلة الإسراء وهذا ضعيف؛ لأنه يقال: استوى هو وفلان، ولا يقال استوى وفلان إلا في ضرورة الشعر. والصحيح استوى جبريل عليه السلام وجبريل بالأفق الأعلى على صورته الأصلية؛ لأنه كان يتمثل للنبي ﷺ إذا نزل بالوحي في صورة رجل، فأحب النبي ﷺ أن يراه على صورته الحقيقية، فاستوى في أفق المشرق فملأ الأفق.
﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى﴾ أي دنا جبريل بعد استوائه بالأفق الأعلى من الأرض
﴿فَتَدَلَّى﴾ فنزل على النبي ﷺ بالوحي. المعنى أنه لما رأى النبي ﷺ من عظمته ما رأى، وهاله ذلك رده الله إلى صورة آدمي حين قرب من النبي ﷺ بالوحي، وذلك قوله تعالى:
﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ﴾ يعني أوحى الله إلى جبريل وكان جبريل
﴿قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ قاله ابن عباس والحسن وقتادة والربيع وغيرهم. وعن