بالمعنى؛ قاله الفراء. ويدل عليه قوله تعالى: ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَخِرَةً﴾ ألست ترى أنه كالجواب لقولهم: ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَخِرَةً ﴾ نبعث؟ فاكتفى بقول: ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَخِرَةً﴾ ؟ وقال قوم: وقع القسم على قوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ وهذا اختيار الترمذي بن علي. أي فيما قصصت من ذكر يوم القيامة وذكر موسى وفرعون "لعبرة لمن يخشى" ولكن وقع القسم على ما في السورة مذكورا ظاهرا بارزا أحرى وأقمن من أن يؤتي بشيء ليس بمذكور فيما قال ابن الأنباري: وهذا قبيح، لأن الكلام قد طال فيما بينهما. وقيل: جواب القسم ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى﴾ لأن المعنى قد أتاك.
وقيل: الجواب ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ على تقدير ليوم ترجف، فحذف اللام. وقيل: فيه تقديم وتأخير، وتقديره يوم ترجف الراجفة وتتبعها الرادفة والنازعات غرقا. وقال السجستاني: يجوز أن يكون هذا من التقديم والتأخير، كأنه قال: فإذا هم بالساهرة والنازعات. ابن الأنباري: وهذا خطأ؛ لأن الفاء لا يفتح بها الكلام، والأول الوجه. وقيل: إنما وقع القسم على أن قلوب أهل النار تجف، وأبصارهم تخشع، فانتصاب "يوم ترجف الراجفة" على هذا المعنى، ولكن لم يقع عليه.
قال الزجاج: أي قلوب واجفة يوم ترجف، وقيل: انتصب بإضمار اذكر و"ترجف" أي تضطرب. والراجفة: أي المضطربة كذا قال عبدالرحمن بن زيد؛ قال: هي الأرض، والرادفة الساعة. مجاهد: الراجفة الزلزلة ﴿تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ الصيحة. وعنه أيضا وابن عباس والحسن وقتادة: هما الصيحتان. أي النفختان. أما الأولى فتميت كل شيء بإذن الله تعالى، وأما الثانية فتحيي كل شيء بإذن الله تعالى. وجاء في الحديث عن النبي ﷺ قال: "بينهما أربعون سنة" وقال مجاهد أيضا: الرادفة حين تنشق السماء وتحمل الأرض والجبال فتدك دكة واحدة، وذلك بعد الزلزلة. وقيل: الراجفة تحرك الأرض، والرادفة زلزلة أخرى تفني الأرضين". فالله أعلم. وقد مضى في آخر "النمل" ما فيه كفاية في النفخ في الصور. وأصل الرجفة الحركة، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ﴾ وليست الرجفة هاهنا من