الثانية تخفيفا. وقرأ نافع وابن محيصن بالتشديد على الإدغام. ﴿وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى﴾ أي لا يهتدي هذا الكافر ولا يؤمن، إنما أنت رسول، ما عليك إلا البلاغ. ﴿وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى﴾ يطلب العلم لله ﴿وَهُوَ يَخْشَى﴾ أي يخاف الله. ﴿فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾ أي تعرض عنه بوجهك وتشغل بغيره. وأصله تتلهى؛ يقال: لهيت عن الشيء ألهى: أي تشاغلت عنه. والتلهي: التغافل. ولهيتُ عنه وتليتُ: بمعنى.
١١- ﴿كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ﴾.
١٢- ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ﴾.
١٣- ﴿فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ﴾.
١٤- ﴿مرفوعة مطهرة﴾.
١٥- ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾.
١٦- ﴿كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾.
قوله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ﴾ "كلا" كلمة ردع وزجر؛ أي ما الأمر كما تفعل مع الفريقين؛ أي لا تفعل بعدها مثلها: من إقبالك على الغني، وإعراضك عن المؤمن الفقير. والذي جرى من النبي ﷺ كان ترك الأولى كما تقدم، ولو حمل على صغيرة لم يبعد؛ قاله القشيري. والوقف على "كلا" على هذا الوجه: جائز. ويجوز أن تقف على "تلهي" ثم تبتدئ "كلا" على معنى حقا. ﴿إِنَّهَا﴾ أي السورة أو آيات القرآن ﴿تَذْكِرَةٌ﴾ أي موعظة وتبصرة للخلق ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ﴾ أي اتعظ بالقرآن. قال الجُرجاني: "إنها" أي القرآن، والقرآن مذكر إلا أنه لما جعل القرآن تذكرة، أخرجه على لفظ التذكرة، ولو ذكره لجاز؛ كما قال تعالى في موضع آخر: "كلا إنه تذكرة". ويدل على أنه أراد القرآن قوله: "فمن شاء ذكره" أي كان حافظا له غير ناس؛ وذكر الضمير، لأن التذكرة في معنى الذكر والوعظ. وروى الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ﴾ قال من شاء الله تبارك وتعالى ألهمه. ثم أخبر عن جلالته فقال: ﴿فِي صُحُفٍ﴾ جمع صحيفة ﴿مُكَرَّمَةٍ﴾ أي عند الله؛ قاله السدي. الطبري: "مكرمة" في الدين لما فيها من العلم والحكم. وقيل: "مكرمة" لأنها نزل بها كرام الحفظة، أو لأنها نازلة من اللوح المحفوظ. وقيل: "مكرمة"