"بنيه" وهو بعيد، لأن يعقوب لم يكن فيما بين أولاد إبراهيم لما وصاهم، ولم ينقل أن يعقوب أدرك جده إبراهيم، وإنما ولد بعد موت إبراهيم، وأن يعقوب أوصى بنيه أيضا كما فعل إبراهيم. وسيأتي تسمية أولاد يعقوب إن شاء الله تعالى.
قال الكلبي: لما دخل يعقوب إلى مصر رآهم يعبدون الأوثان والنيران والبقر، فجمع ولده وخاف عليهم وقال: ما تعبدون من بعدي؟
ويقال: إنما سمي يعقوب لأنه كان هو والعيص توأمين، فخرج من بطن أمه آخذا بعقب أخيه العيص. وفي ذلك نظر، لأن هذا اشتقاق عربي، ويعقوب اسم أعجمي، وإن كان قد وافق العربية في التسمية به كذكر الخجل. عاش عليه السلام مائة وسبعا وأربعين سنة ومات بمصر، وأوصى أن يحمل إلى الأرض المقدسة، ويدفن عند أبيه إسحاق، فحمله يوسف ودفنه عنده.
قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي﴾ معناه أن يا بني، وكذلك هو في قراءة أبي وابن مسعود والضحاك. قال الفراء: ألغيت أن لأن التوصية كالقول، وكل كلام يرجع إلى القول جاز فيه دخول أن وجاز فيه إلغاؤها. قال: وقول النحويين إنما أراد "أن" فألغيت ليس بشيء. النحاس: "يا بني" نداء مضاف، وهذه ياء النفس لا يجوز هنا إلا فتحها، لأنها لو سكنت لالتقى ساكنان، ومثله ﴿بِمُصْرِخِيَّ﴾ [إبراهيم: ٢٢]. ﴿إِنَّ اللَّهَ﴾ كسرت "إن" لأن أوصى وقال واحد. وقيل: على إضمار القول. ﴿اصْطَفَى﴾ اختار. قال الراجز:
يا ابن ملوك ورثوا الأملاكا
...
خلافة الله التي أعطاكا
لك اصطفاها ولها اصطفاكا
﴿لَكُمُ الدِّينَ﴾ أي الإسلام، والألف واللام في "الدين" للعهد، لأنهم قد كانوا عرفوه. ﴿فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ إيجاز بليغ. والمعنى: الزموا الإسلام ودوموا عليه ولا تفارقوه


الصفحة التالية
Icon